Thursday, August 10, 2006

الارهابى المعتوه

منذ ان تفتحت عيناه على الدنيا وهو يدرك ان شيئا ما ليس على ما يرام وانه لابد ان هناك خطا ما فى هذة الدنيا,, اول ما تسجله ذاكرته من احداث حينما كان فى حوالى الثالتة من عمره ويمسك بيد والده ويقفز على احجار الطوب المرصوصة ليعبر بحيرة المجارى النتنه التى تحتل الشارع,, ولكنه لم يعبر لقد انزلقت قدمة على الطوبة الغير مستقرة و غاص فى المستنقع اللانهائى حتى انتشلته يد والده القوية, ففوجىء بنفسه وقد اصطبغ بالاخضر والاسود, وتفوح منه رائحة نتنة تشمها من مسيرة سبعين الف عام... وما جعله يكاد يجن هو تلك العيون الثاقبة المتربصة وخصوصا عيون بنت الجيران اللى كان بيلعب معاها عريس وعروسة,, فاحس انه يقف عاريا فى سوق الجمعة.. وما زاد الامر سوءا ان والده لم يهدا من روعة بل نهره بصوت عال امام الجميع..
منذ تلك اللحظة بدا عقلة الصغير بالتفكير.. بالتفكير فى كل شيىء, من المسئول عن هذا المستنقع؟؟ ولماذا نظر ليه الناس هذه النظرات الجارحة؟؟ ولماذا نهره والده ؟؟ ولماذا لم تعد بنت الجيرات تلعب معاه عريس وعروسة زى زمان؟؟ ولماذا تركه اصحابه واصبح منبوذا؟؟؟؟
وكبر قليلا ونما ادراكه كثيرا وتوصل الى اجابات الكثير من الاسئلة... اننا نحن المسئولون عن هذا المستنقع.. كلنا مسئولون بما نشارك به من ماء غسيل صحون وهدوم وحموم وحاجات تانية كتير عافت نفسة عن التفكير فيها,, لكن هؤلاء الناس سولت لهم انفسه التفكير فى هذه الحاجات الكتير بل وحملوه المسئولية.. فهذه بنت الجيران بقت تقرف منه وبطلت تلعب معاه علشان هو واد نجس - فى نظرها طبعا - واصحابه كذلك, اما والده فنهره لانه وضع قدمه على حجر ولم يتاكد انه مستقر وثابت وراسخة جذوره فى الاعماق كالنخل القوى... ولكن بالتاكيد كان يدرك انه على صواب وجميعهم على خطا, انه خطا مجتمع باكمله..
ثم كبر قليلا ونما ادراكه كثيرا وبدا بطرح الحلول,, كان ذلك للصدفة البحتة متزامنا مع صداقته الوحيدة فى حياته مع الاخ مرعى, الانسان النبيل الذى قبل صداقته حين نبذه المجتمع,, وهو اخ فاضل جدا جدا, لدرجة انه ساعده فى طرح الحلول.. واخبره الاخ مرعى من خلال رؤيته المبنيه على الادله والبراهين ان الاسلام يقدم الحلول لكل شيىء مهما كان هذا الشىء.. ولكن يجب اولا ان نطهر انفسنا بانفسنا من الرجس والدنس ونعتزل من يخوضون فى الرجس والدنس والحاجات التانية,, ولاقى هذا الامر هوى فى نفس الشاب لانه فى عقله الباطن الدفين يحمل نفسه مسئوليه هذا الدنس والرجس والنجاسة والحاجات التانيه لانه لم يضع قدمه على الحجر الثابت الذى هو كالنخل الثابت
وبالفعل اعتزلهم وما يخوضون واعتكف يطهر نفسه بنفسه.. فجاءه الاخ مرعى فى المنام يخبره بانه قد تطهر وان عليه تطهير الناس ,, واعطاه فى يده اليمنى ازازة كلور وفى يده اليسرى ازازة فينيك... وصحا من نومه ماخوذا وانطلق الى الاخ مرعى يساله عن مخزى الحلم فاذا به بيعمل عمره,, فحاول ان يكلمه على الموبايل لاقاه مغلق - فى الحرم بقى - فسال اهل الحل والعقد لاقهم لا بيحلوا ولا بيربطوا وقالوا له انه قد بلغ من العلم ما يمكنه من تفسير احلامه بنفسه,, فاعتكف ثلاثة ايام اخرى فسر فيها حلمه واخذ قراره ونزل الى الناس يوزع عليهم براميل يتصرفوا فيها بدل الصرف الغير صحى لان اخرته الشوارع والامراض العضوية والنفسية والاجتماعية..
فلم يستمع له قومه بل استهزؤا به ونهروه وضربوه وعيروه بالنجاسة اللى يود لو تطهر منها منذ كان طفلا, وصفقت بنت الجيران الباب فى وشه,, ولكنه اصر واصر ثم ياس وياس..
ثم عاد الاخ مرعى من العمرة سالما غانما, فهرع اليه, فثبته الاخ مرعى وقال له: "امضى فى طريق الحق"..
فعاد الى طريق الحق يوزع البراميل من تانى وفى نفس المكان الذى شهد نجاسته منذ ثلاثين عاما,, اذا بوالده العجوز عائدا الى المنزل وممسكا فى يده بزجاجة الدواء,, يقفز فوق الطوب بعظامه الواهنة, ومفاصلة اليابسة, فينزلق فى نفس المكان ويغوص فى المستنقع الرهيب والناس تنظر نفس النظرات الثاقبة المتربصة,, فجرى الشاب ورمى نفسه وانتشله, ولكن بعد ان استنشق والده من مياة المستنقع الرهيب,, وخرج جثة بلا حراك..
فى تلك اللحظة سمع صوتا قويا فى داخله يقول: " لقد عدت الى النجاسة التى ظننت نفسك تطهرت منها,, عدت من اجل والدك ولم تغن عنه شيئا,, ولكن سقطت فى اختبار الطهارة"
احس انا عمره قد ضاع هباء وراء عالم مثالى لم ولن يتتحقق,, احس بانعدام القيم عندما غرق والده فى نفس المستنقع والناس مازالت تنظر منذ ثلاثين عاما,, احس ان عليه ان يتطهر,, احس ان عليه ان يتطهر,, احس ان عليه ان يتطهر.........
تذكر قول مرعى " مابنى على باطل فهو باطل" ,, "المبنى المشوه لا يجوز معه الاصلاح والترميم, بل يجب هدمه وبناءه من جديد" تذكر ايضا مدرس الفزياء وهو يشرح لهم قاعدة باسكال عن انتقال الضغط فى السوائل - بتمامه - الى جميع نقاط السائل والاناء الحاوى له...
وضع الحزام الناسف حول وسطه وذهب الى عملية المجارى الرئيسية,, والقى نفسه فى اكبر مستنقع فى الوجود,, وانتقل الضغط بتمامه الى كل ماسورة وبالوعة وحوض فى كل كنيف فى كل بيت
هذه هى قصة الارهابى الذى وصل صدى انفجاره ونجاسته وطهارته وعذاباته والامه واحلامه الى كل بيت,,, الارهابى المعتوه........
بوووووووووووووووووووووووووم

1 comment:

Anonymous said...

mmmmm
nice post