Friday, December 14, 2007

الاسلام... كسر القيود

تختلف النظرات والؤى حول التاريخ باختلاف العصور او الثقافات,, فقديما كان اليونانيون ومن بعدهم ابن خلدون يعتقدون ان التاريخ هو دورات من الصعود والهبوط, الرقى والانحطاط..تماما كدورة حياة الانسان من الطفولة-الضعف الى الشباب-القوة ثم الشيخوخة-الضعف لتبدا دورة او دورات اخرى للخلود الانسانى الى اجل معلوم.. تلك هى دورة حياة الامم والافراد
لكن الفكر المسيحى الاوروبى قبل عصر النهضة كان يرى التاريخ انه متوالية انحطاط وانحلال اخلاقى ودينى وحياتى وبعد عن كل القيم,, فجاء عصر النهضة باعتقاد ان التاريخ الانسانى هو خط صاعد الى اعلى وان التقدم مستمر ومطرد فى مجمل الحياة.. تماما كدرجات السلم. كل درجة ارقى واعلى من سابقاتها حتى قال بعضهم باننا قد وصلنا الى نهاية التاريخ وانه لا تقدم ولا جديد فى النظريات الفلسفية والانسانية
وبغض النظر اى الاراء اصح فليس هذا هو المبحث.. فاننا لم ناخذ باى منها بل تملكتنا حالة من التخبط والتضارب , فلسنا ندرى ان كنا نسير الى الامام ام الى الخلف ام هو وضع ثبات وجمود... ولكن تلك مصيبة اكبر لانه من الواضح لكل ذى بصيرة اننا لا نحقق انجازات فى اى مجال ولا نرتقى فى اى علم وهذا يعود بلا شك الى المنظومة الفكرية الى تسيطر على عقولنا,, تلك المنظومة التى تعلى من قيمة القديم على الحديث والماضى على الحاضر والمستقبل,, وبلا شك فان الدين يمثل جزءا كبيرا من هذه المنظومة

فكيف اصبح الاسلام قوة تدعو الى الماضى تعلى من قيمة القديم على الحديث؟؟ حتى بلغ الامر الهروب من الحاضر والعيش فى خيالات الماضى وتقديس الماضى بكل انجازاته وكبواته بل واعتبار تلك الكبوات قدرا كى نتعلم منها الدروس ونستخلص العبر وكاننا تعلمنا
منذ متى قرر العقل الاسلامى التوقف عن التفكير والابداع بارادته الحرة واصبح مستهلكا للناتج الحضارى للامم والشعوب الخرى؟؟ هذا الناتج الحضارى الذى لا تستطيع المعدة الاسلامية هضمة ولا تمثيلة ولا الاستفادة منه

ان الترجمة عن الحضارة اليونانية فى بداية التاريخ الاسلامى لم تستغرق سوى جيلين بدا بعدها التاليف والابداع عند الكندى اول الفلاسفة المسلمين,, فلماذا تاخر الابداع اكثر من قرنين منذ بدات حركات الترجمة الحديثة واصلاح التعليم على يد رفاعة الطهطاوى؟؟
لقد انحدرت القيم الاسلامية فاصبحت مجرد شعارات جوفاء نرددها كنوع من الحيل الفاعية التى نخدر بها انفسنا, وانحدرت المفاهيم فصارت كائنات غريبة الشكل منبوذة ينفر منها الجميع, وانحدرت العبادات فاصبحت مجرد طقوس وتعاويذ نرددها لانزال المطر والحصول على الرزق الكثير ولهزيمة الاعداء وزيادة الخصوبة وكأن اكثر من احد عشر قرنا من الزمان لم تكن كافية لولاده فقه جديد بعد اكتمال المذاهب الفقهية الاربعة فى القرون الثلاث الاولى... فظهرت اعراض المرض الخبيث من تكفير الحكام والمجتمع وفوائد البنوك واوضاع غير المسلمين فى المجتمعات الاسلامية ونقل العضاء والمراة القاضية.. وتمت التضحية بالمصالح العامة من اجل النص الثابت وكان هذا النص قد نزل من السماء كى تتوقف الحياة عنده.. واستخدمنا الاسلحه الفقهية الفتاكة "لا اجتهاد مع النص" واشيع خطا غلق باب الاجتهاد وتناسينا القواعد الفقهية الاخرى" ما راه المسلمون حسن فهو عند الله حسن"و "اينما المصلحة فثم شرع الله"
وبانحدار الفقه تخيلنا انه من الثوابت تقديم العبادات على المعاملات والايمان على العمل كما فعل القدماء المقدسون,, ولو كان لنا قليل من الادراك لعرفنا ان ذلك كان ضرورة لعصر لم تثبت فيه تلك العبادات ولا ذلك الايمان بعد.. اما عصرنا فيحتاج الى اعلاء قيمة العمل على الايمان لبناء المجتمع المنهار والمعاملات على العبادات لخلق الاتزان داخل المجتمع.. تماما مثل علة الناسخ والمنسوخ.. وتلك ليست بجريمة لانها ليست دعوة لالغاء الايمان او العبادات ولكنها الاولويات ولا ننسى ان عمر بن الخطاب قد الغى نصيب المؤلفة قلوبهم من الزكاة وهو نص لان ظروف المسلمين تغيرت من الضعف الى القوة وعثمان بن عفا قد شرع اذانا قبل الجمعة لان ظروف المسلمين تغيرت من المجتمع الصغير الى المجتمع الكبير... اما الان فقد تغيرت ظروف المسلمين من التفكير والابداع الى البلاهة والخضوع والخنوثة ومن مركز العالم الى اطرافه

العقيدة ايضا ليست ثابتة فهى تحتاج الى تطوير.. فمباحث مثل اسماء الله وصفاته والذات والافعال هى مباحث كانت لازمة لتثبيت التجرد الالهى والوحدانية فى عصر عبادة الاوثان.. وقد ان الاوان ان نلقى خطابا يسمعه الناس فلا نملأ عقولهم بعذاب القبر وصور هزلية متخيلة عن النار التى لم يرها مخلوق.. ان الاوان ان نتجاوز ذلك الى حب الاله بدلا من الخوف منه ومعرفة الله من قدراته ومعجزاته فى الكون البديع
ومبحث القضاء والقدر واذا كان الانسان مسير ام مخير قد ان الاوان لتناوله من زاوية جديدة ان لم نقل تجاوزه بعد ان راينا الانسان فى كل اصقاع العالم يصنع مستقبله اذا انتقل من الكلام الى الفعل.. فهناك اخرون قد صعدوا القمر ودخلوا نواة الذرة وجينوم الخلية,, بينما نحن نتسال فى رهبة ان كنا نحن نتحكم بحياتنا ام ان هناك قوى خفية وراء السمع والبصر تمسك باطراف الكون ونسينا ان الله ان كان سيحاسبنا بمثقال الذرة وهو العدل فلابد ان نكون مسؤلين عن افعالنا وتناسينا كل ما نملك من قدرات وقوى داخل نفوسنا وعقولنا وكاننا لانشعر بها
ومازالت الفلسفة الاسلامية مسجونة فى العصور السحيقة فلا تفهم شيئا اذا بحثت فى الفلسفة عن الانسان \الكون \ العلم \هيكل المجتمع والدولة\اثر المنتجات الديثة ووسائل الاتصال.. فكان من الطبيعى الا تنبت الايدولوجيات الكبرى والتيارات الجارفة من نهرنا ونغرق فى برك الاخرين
لعل السيرة من العلوم التى حصل فيها بعض التجديد فبعد السير الاولى لابن هشام وابن اسحق والتى كان الهدف منها كتابة سيرة الرسول كما انبياء بنى اسرائيل الذين تملا سيرهم الاسرائيليات وتفضيله عليهم واكمال عناصر البطولة وما نتج عنها فى اللاشعور الجمعى من تاليه الزعماء واجلال الوزراء وتشخيص الرسالة فى الرسول والنبوة فى النبى,, فظهرت بعض السير اقرب الى روح القران والى الواقع لاثبات ان الرسول ليبرالى "حياة محمد" و "فى منزل الوحى" لهيكل و "على هامش السيرة" لطه حسين.. وانه اشتراكى فى "محمد رسول الحرية" للشرقاوى وانه عبقرى التكوين والفعل فى "عبقرية محمد" للعقاد
لا ادرى لماذا نتقيد فى القران بنفس المنهج العتيق فى التفسير ايه وراء ايه وسورة وراء سورة؟؟ هل ذلك من المقدسات؟؟ وهل من الصعب ان ناخذ بالتفسير الموضوعى فناخذ كل موضوع على حدة بمعالجة كاملة لاياته ومعانيه واحكامه
منذ متى توقف العقل الاسلامى عن التفكير؟؟ ومنذ متى قرر العقل الاسلامى القبوع فى خزانة التاريخ؟؟ ماهى الاسباب التى دفعته الى ذلك؟؟ لعل معرفة الاسباب هى اولى خطوات كسر القيود لعله ينتعش من سباته العميق

No comments: