Tuesday, August 18, 2015

الطاقة والنقل واالبيئة فى العالم العربى

يعتبر قطاع النقل مفتاح رئيسى فى النهضة الاقتصادية والرفاهية الانسانية, وهو فى نمو مطرد حول العالم بالتوازى مع النمو الاقتصادى. بالنسبة لكثير من صناع السياسة تتمثل التحديات المرتبطة بالنمو فى قطاع النقل فى كيفية الحد من أعداد ضحايا الحوادث, والحد من تلوث الهواء والاعتماد على الوقود الاحفورى, وكذلك الازدحام المرورى.
تبرز هذه التحديات بصفة خاصة فى الاقتصاديات الاكثر نموا فى العالم النامى مثل الصين والهند. ففى حين يمثل قطاع النقل حوالى ربع استهلاك الطاقة فى الدول الصناعية, فانها تمثل الثلث فى الدول الناشئة, ويزاداد الأمر سوءا لعدم اتباع معايير الجودة والضوابط



أما بالنسبة للعالم العربى أكبر منتج للطاقة وأصغر مستهلك لها فقد أصبح التقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة ضرورة ملحة لأن العالم العربى يعد من أول المتضررين من الأحتباس الحرارى والتغيرات المناخية.
يعتمد قطاع النقل بشكل رئيسى على نوع واحد من الوقود الأحفورى وهو البترول بمشتقاته المتعددة بنسبة 95% وفى عام 2004 كان قطاع النقل مسئولا عن 23% من انبعاثات الكربون على مستوى العالم, علما بأن ثلاثة أرباع هذةه الانبعاثات ناتجة من النقل البرى (السيارات الخاصة والشاحنات).
ويتوقع للنقل الجوى ايضا ان يزيد بقدر كبير. والطائرات تنتج انبعاثات شبيهة بغيرها من مركبات الوقود الاحفورى بيد أنها غير عادية من حيث ان نسبة كبيرة من الانبعاثات تحدث فى ارتفاعات عالية جدا, وعلى المستوى العالمى يقدر ان انبعاثات الغازات الدفيئة التى تنتجها الطائرات تسهم بحوالى 3.9% من جملة الاستحثاث الاشعاعى.
ومن المتوقع ان ينمو نشاط النقل بقوة خلال العقود الثلاث القادمة, ما لم يكون هناك تحول جذرى عن أنماط استهلاك الطاقة الحالية فان استهلاك الطاقة فى النقل العالمى سيزيد بمعدل 2.2% سنويا فى البلدان الصناعية و 3.6% فى البلدان الناشئة, وستزيد انبعاثات الكربون 80% مما هى عليه الآن بحلول عام 2030
مازالت العقبات فى مجال السياسة العامة والعقبات التقنية والمؤسسية والتمويلية تعرقل التقدم فى تطوير الطاقة المستدامة, ونظرا للمعوقات التى يواجهها التمويل العام للطاقة (تبلغ الاستثمارات الراهنة فى الطاقة 1.0 – 1.5 % من الناتج القومى الاجمالى العالمى), يتعين ان ياتى جانب كبير من الاستثمارات فى مجال الطاقة فى القطاع الخاص وهو استثمار له مردود ايجابى سريع مثل تحسين فاعلية انتاج الطاقة واستخدامها فى الصناعة, وكذلك فى الانارة والاجهزة المنزلية والنقل وتدفئة المانى وتبريدها.
فى حين ان العالم العربى يفتقر الى الاحصائيات والدراسات المتعلقة بكفاءة استخدام الطاقة والبيئة, فمن المؤكد انه سيواجه الكثير من المشاكل البيئية جراء التغير المناخى وليس بأقلها التصحر والارتفاع غير المسبوق لدرجات الحرارة وشح المياة وارتفاع منسوب البحر وتدهور الأنواع الأحيائية.
وكلما تم الاسراع بوضع سياسات عربية حازمة وجادة, كلما كنا بمنأى عن اتخاذ اجراءات أكثر صرامة وعنفا بالمستقبل القريب لوقف الخسائر البيئية والاقتصادية المحتملة.

لقد استكملت العديد من الدول المؤسسات اللازمة لتنظيم الانبعاثات وظبطها وفرضت ضريبة انبعاث الكربون, ويتجه العالم الى وضع سقف لاستهلاك الوقود الاحفورى, ولكن العالم العربى مثل افريقيا مازال يعانى من مشاكل بيئية اعظم من ثانى اكسيد الكربون مثل اكاسيد النيتوجين واكاسيد الكربون والرصاص والقطران نتيجة نقص الرقابة البيئية والتشريعية على المصانع وكذلك استخدام اجيال عتيقة جدا من المحركات.
تشمل العقبات التى ينبغى تجاوزها لتحقيق النقل المستدام مجموعة من الخصائص والأحوال الاجتماعية الراسخة مثل تفضيل المركبات الخاصة والاقبال على شراء منتجات تقطع آلاف الأميال نقلا حتى تصل الى المستهلك العربى مما يرفع أيضا من كلفتها النهائية فى السوق.
لقد أصبحت الحاجة ملحة لتبنى استراتيجيات جديدة تنظر بعين الاعتبار الى نقاط أولية ذات أهمية وخلق ضغط شعبى وزخم اعلامى حولها لاجبار السياسيين على ادراجها فى ادراجها فى اجنداتهم:
·       الاستخدام العادل والأمثل للأراضى
·       تعزيز أفضلية شبكات النقل الجماعى وتوفير التمويل الازم لها
·       الربط بين الدول والمدن بشبكات السكك الحديدية (خط المغرب العربى – خط مصر السعودية عبر سيناء) اذا توافرا الارادة السياسية لذلك.
·       تعزيز النقل النهرى للبضائع خاصة فى مصر والسودان
·       كفالة الوصول المنصف الى خدمات الطاقة الحديثة والتكنولوجيا الأنظف, وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة
·       المضى قدما فى التعليم عن بعد, وتوفير الخدمات الطبية فى المناطق النائية
·       تنظيم التمدد الحضرى وأنماط السلوك المتعلقة بالسفر
·       تقسيم المناطق اداريا بما يؤثر ايجابيا على أنماط النقل, واتخاذ القرارات الاستثمارية الصحيحة على نحو يراعى التنمية المستدامة
·       العمل على رفع كفاءة اسطول النقل البرى, الى جانب تحديد طرقات داخل المدن خاصة للدراجات الهوائية والمشى تؤدى الى الأسواق
·       تعزيز النمو فى المناطق الريفية, والاهتمام بالزراعة, والتشجيع على التشجير وزيادة الغطاء النباتى
·       اعتماد سياسات تفضى الى الاستخدام الأفضل للماء

No comments: