Thursday, December 07, 2006

بعد الطوفان(2)

الهوية
نقطة البدء الرئيسية.. الهوية, من انا؟؟ الى من انتمى؟؟ لا شك ان الانسان يشعر بذاته فى ضوء اختلافه عن الاخرين.. فحينما اكون الرجل الوحيد الذى يعمل فى الشركة التى اعمل بها سيزداد احساسى بكونى رجلا وباختلافى عن النساء,, وحينما اكون المصرى الوحيد الذى يعمل فى شركة متعددة الجنسيات ساعرف نفسى باننى مصرى , وهكذا فعندما اتكلم واقول مثلا: نحن نملك حضارة عريقة او نحن متاخرون عن باقى الامم, من اقصد بكلمة نحن؟؟هل نحن عرب ام مصريين ام مسلمين؟ ام شرق اوسطيين ام افارقة؟؟
بالطبع لكل انسان الحق فى تعريف نفسه.. واختيار الجماعة والدائرة التى ينتمى اليها, سواء لاسباب منطقية يراها فى انهم الافضل او الاقوى او بدون اسباب لمجرد اقتناعه الدفين المغروز فى اعماقه بانه منهم حتى لو لم يكن منهم... ولكن حينما نتكلم على مستوى المجموع وجب ان نحدد من نحن لانه سيترتب عليه الكثير من الافكار وبالتالى السلوكيات وبالتالى القوانين التى تحكم المجتمع..
  • البعض يقول اننا عرب,, ويقصد بالعروبة القومية العربية. ولست ادرى هل هناك اختلاف بين القومية العربية وبين القوميات الاوروبية تبعا لاختلاف الاطر الحضارية والنشاة.. دعنا نتصور: بدا فكر القومية العربية فى الظهور فى منتصف القرن التاسع عشر تقريبا على يد بعض المفكرين الشوام, استنادا الى وحدة اللغة والدم والتاريخ, ثم انتشر هذا الفكر الى مصر .. وقال من قال ان بريطانيا وفرنسا هما من قامتا بنشر فكر القومية العربية كايدولوجيا مناقضة للفلسفة الاسلامية القائمة على نظام الخلافة العثمانية فى ذلك الوقت لخلق نوع من الدعوة الانفصالية بين العرب ضد العثمانيين الاتراك العدو الاستراتيجى لهم مستغلين ظروف القهر التى فرضتها الامبراطورية العثمانية فى اواخر عهودها. وفى عام 1924 الغى كمال اتاتورك الخلافة واعلن قيام دولة تركيا اثناء فترة الاستعمار الغربى للدول العربية التى بدات فى التلاشى مع الثورات التحررية وفى طليعنها الثورة المصرية التى كان محركها الاول عبد الناصر الذى تبنى القومية العربية كايدولوجيا سياسية والاشتراكية كمبدا اقتصادى واجتماعى..ولكن تعرضت القومية العربية للانتكاسات والانكسارات بداية من 48 الى 56 ثم 67 التى كانت ضربة قاصمة بدأ على اثرها الانهيار بتوقيع كامب ديفيد واتخاذ العدو صديقا ثم النهاية فى حرب الخليج الثانية بغزو العراق للكويت.. الجرح الذى لن يندمل..ثم 11 سبتمبر وما تلاها من اشكاليات ومفاهيم.. طعنات كثيرة ومازالت القومية العربية باقية ومازلنا نغنى الحلم العربى ووطنى الاكبر
  • والبعض يقول باننا مسلمون: يستمدون نظريتهم السياسة من معتقداتهم الدينة,, فالاصل هو الدين الذى اعطاهم تصور عن هدفهم فى الحياة واعطاهم انتماء لهذا الهدف وليس الانتماء لجماعة بشرية كشعب او عرق.. وبعد الانتماء او الاعتقدا لابد من سلوك فى المعاملة والكلام والمظهر على المستوى الشخصى وتصور للكيان الاجتماعى كله وما ينظمه من قوانين وهيكل للدولة يكفل لهم تحقبق الهدف الاول فى الحياة الذى استمدوه من الدين فحضارتنا منذ 1400 سنة تشهد بذلك وتاريخنا المشترك كلنا كمسلمين من اندونسيا الى المغرب كله متصل ببعضه وان تخللته فترات ضعف وانهيار احتلت فيها اراضينا وفرض علينا الاخر ايدولوجيته وفلسفته حتى اصبنا بانفصام الشخصية وتخيلنا انفسنا امتدادا للاخر او جزء من حضارته او على الاقل تابعين له نسير فى مسلكه حتى يتسنى لنا التقدم
  • والبعض الاخر ينادى باننا مصريين فقط او فرعونيين او بالقومية الفرعونية ولست ارى اى نوع من التاثير لهذا التيار الذى بالكاد اسميه تيار مجازا ولكنى رايته جديرا بالذكر حيث انه برجوعه سبعة الالاف سنة فى اعماق التاريخ للبحث عن هوية انما يدل على مدى انعدام الهوية الذى نعيشة كمجتمع,, واغلب ظنى انه قد تبلور مع انهيار القومية العربية خطوة بخطوة
  • وايضا طرح بعض المفكريين العالميين فكرة المواطن العالمى كاحدى اثار العولمة فمثلا مواطن مصرى يعمل فى فرع احدى الشركات الالمانية فى سنغافورة وقد يقضى عطلته الاسبوعية فى الصين... فالى من سينتمى؟؟ بالتاكيد الى جميعهم.. لانهم كلهم اجزاء من حياته ولابد من ان ينتمى اليهم لان كل انسان لابد ان ينتمى الى ذاته وماضيه.. كانت هذه احدى اثار العولمة التى ظهرت فى اماكن عديدة فى العالم جعلت البعض يبشر بحقبة تاريخية جديدة وانظمة سياسية مبتكرة ولكن جاءت احداث 11 سبتمبر لتقتل الفكرة قبل ان تولد

وبعد,,, من نحن؟؟من وجهة نظرى الشخصية ارى اولا ان هذه الهويات جميعا تتقاطع مع بعضها البعض,, فقد ينتمى احدنا الى هؤلاء جميعا... وكونى مصرى لا ينفى عنى عروبتى وكونى عربى لا يتعارض مع كونى مسلم وهذا حال اغلب المجتمع ولكن اى من هذه الكلمات التى استطيع ان اختزل حياتى وافكارى وفلسفتى وثقافتى وهدفى كمجتمع... اننى ارى الاسلام هو الهويةوقد ذكرت ان البعض يبنى تصوره للهوية على اساس منطقى من الانتماء الى الجماعة الاقوى او غير ذلك والبعض ينتمى لمجرد التعصب لقوم هو منهم فيراهم الافضل دون الاخرين والبعض ينتمى بلا اسباب... وقد كان لى اسبابى,

  • اولا انك لن تستطيع ان تكون الاخر فعلى الاقل كن كما انت لانك لست دون الاخرين..سئم العامة من الهرولة نحو الغرب ومازال المثقفون يضعون الغرب فى منزلة المثل والقدوة.. نعم حقق الغرب انجازات وطفرات والحق يقال ولكنهم ليسوا بانصاف الهه,, ولسنا مطالبيين ان نسير على خطاهم ونفعل كما فعلوا كى نتقدم او تكون لنا مكانة,لماذا كل هذا التنميط والتعميم للنموذج الغربى ليس فى بلادنا وحدها وانما فى كل بلاد العالم؟؟ لماذا اصبح الاسلام تهمة فى بلاد الاسلام؟؟ لماذا لا تذهب الى الجامعة بجلباب -الزى الوطنى- وتذهب ببنطلون وتى شيرت؟؟ ولماذا يحسبون من يطلق لحيته على تيار ما مع ان هذا هو الطبيعى؟؟ لست ادعو للمذهب السلفى او الوهابى ولست رجعيا او متاخرا..انما اريد ان اضع الصحيح فى موضعه, الجلباب الابيض الواسع من الكتان او القطن اليس هو انسب للملابس للحرارة الشديدة؟ لذا فكن كما انت ولا تحاول الانسلاخ من نفسك لارضاء الاخرين لانك حتى لو انسلخت فلن يتقبلك الاخر الا كما انت فى موضعك ومكانك
  • ثانيا الاسلام يقدم ايدولوجيا عامة شاملة وتصور للكون والحياة والهدف من الحياة وهيكل المجتمع ودور كل فرد فيه ولا اراها تنقصها شيىء... على الاقل لن تضر المجتمع كما قد تضره ايدولوجيات عديدة يستحيل فرضها على العامة لان تلك الايدولوجيات نشات وتطورت فى ظل ثقافات ومفاهيم اخرى ولا يجوز قصها ولصقها ونزعها من سياقها الحضارى.. والعامة لا يهمهم فى النهاية اسلامية ام علمانية بقدر ما يهمهم الخبز والماء والكساء والدواء.. وقد كان لنا عهد بكل اليدولوجيات من اشتراكية وراسمالية وطبقت الجمهورية والملكية ومعظم النظم السياسية ولم تات بنتيجة مرضية لعيب فينا وليس فيها,, فقد نجحت الاشتراكية فى روسيا والراسمالية فى اميركا والاقتصاد المختلط فى الصين وكل النظم السياسية العلمانية والدينية فى غير بلد... اذن فالايدولوجيا وان كانت خطا فانها تنجح ان وجدت من آمن بها وعاش لها ونفذها وطبقها,, وليس ادل على ذلك من ايدولوجيا اسرائيل العنصرية التى تجد نجاحا يوما بعد يوم
  • ثالثا ان الهوية الاسلامية تجد تاييدا داخليا لها من المهتمين بالشان السياسى وانصاف المثقفين ويتبعهم العامة لاسباب يرونها فى اعتداء الغرب علينا كمسلمين ,, واراها بوضع الغرب لنا فى خانة المسلمين تصنيفا من بعد 11 سبتمبر واسقاط بعض التهم علينا من قبيل ارهابيين ومتخلفين وبربريين فدافع البعض عن نفسه بغريزة البقاء وليس دفاعا عن الاسلام فى حين دافع البعض الاخر عن الاسلام منطلقا من فهم صحيح واخرون من فهم خاطىء كل ذلك فى ظل تراجع اى فلسفة اخرى تحتوى الافراد وتقويهم فانتج ذلك هذا الصعود القوى للهوية الاسلامية
  • رابعا انك بانتائك للاسلام سوف تنتمى لجماعة ليست بالضعيفة او القليلة وسوف تجد دعما ومناصرة من العديد من المشتركين فى نفس الهوية باعتبارك جرء منهم,, واذا كان حال المسلمين الان هو التراجع فلانهم رضوا بهذا ولكن جميعنا يعلم ولا اريد ان اعيد كلاما سئمنا منه ان الوضع من السهل ان يتغير كثيرا

فاذا كنت مسلم وهذا انت ولن تتغير والجميع يعاملك على هذا الاساس, والاسلام فلسفة متكاملة تعطيك اشباعا نفسيا واستقرارا اجتماعيا, وايضا لها تاييد داخليا وخارجيا,, فلم لا نستثمر هذا فى خدمة بلادنا واى هوية الان هى اصلح من الاسلام يخرجنا من محنتنا؟؟؟

1 comment:

Anonymous said...

لماذا نحن بحاجة إلى هوية أصلا ؟